Friday, August 19, 2011

ليلة القدر

ليلة القدر

فقد أنزل الله عز وجل القرآن الكريم في ليلة مباركة هي خير الليالي، ليلة اختصها الله عز وجل من بين 

الليالي، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.. ألا وهي ليلة القدر

مبيناً لنا إياها في سورتين قال تعالى في سورة القدر:-{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)} [القدر1-5

وقال تعالى في سورة الدخان: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4)} ]الدخان3-4[  

وسميت بليلة القدر لعظم قدرها وفضلها عند الله تبارك وتعالى، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الآجال والأرزاق وغير ذلك، كما قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان4

  سبب تسميتها بليلة القدر:- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع 6494 ما نصه: " 

أولاً: أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه.. 

ثانياً:- سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف.

لقوله تعالى:-{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} [القدر2-3] وليلة خير من ألف شهر قدرها عظيم ولا شك

ثالثاً:- وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه

وهذا لا يحصل إلا لهذه الليلة فقط، فلو أن الإنسان قام ليلة النصف من شعبان، أو ليلة النصف من رجب، أو ليلة النصف من أي شهر، أو في أية ليلة لم يحصل له هذا الأجر ". 


وقال الشيخ رحمه الله تعالى: " إن الإنسان ينال أجرها وإن لم يعلم بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً» ولم يكن عالماً بها، ولو كان العلم شرطاً في حصول هذا الثواب لبيّنه الرسول صلى الله عليه وسلم

علامات ليلة القدر:-ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات متابعة

العلامات المقارنة 
-------------
1-
قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار

2- زيادة النور في تلك الليلة

3- الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي

4- أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً

5- أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم.


6-
أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي. العلامات اللاحقة 

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم):- «أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ]رواه مسلم[. 

وليلة القدر ليلة مباركة، وهي في ليالي شهر رمضان، ويمكن التماسها في العشر الأواخر منه، وفي الأوتار خاصة، وأرجى ليلة يمكن أن تكون فيها هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، فكان أبي بن كعب رضي الله عنه يقول: " والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين "[مسلم[. 

وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتحرى ليلة القدر، ويأمر أصحابه بتحريها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر الأواخر من رمضان رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وكان يشد المئزر وذلك كناية عن جده واجتهاده عليه الصلاة والسلام في العبادة في تلك الليالي، واعتزاله النساء فيها، وورد عن بعض السلف الاغتسال والتطيب في 
ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها
ولهذا ينبغي أن يتحرها المؤمن في كل ليالي العشر عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» [متفق عليه]، وقد أخفى الله عز وجل علمها حتى يجتهد الناس في العبادة في تلك الليالي، ويجدوا في طلبها بغية 
الحصول عليها، فيظنون أنها في كل ليلة، فترى الكثير من الناس في تلك الليالي المباركة بين ساجد وقائم وداع وباك، فاللهم وفقنا لقيام ليلة القدر، واجعلها لنا خيراً من ألف شهر، فالناس بقيامهم تلك الليالي يثابون بإذن الله تعالى على قيامهم كل ليلة، كيف لا وهم يرجون ليلة القدر أن تكون في كل ليلة، ولهذا كان من سنة النبي صلى 
الله عليه وسلم الاعتكاف في ليالي العشر من رمضان

وبعض العلماء يقولون أن ليلة القدر لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل هي تنتقل، أي قد تكون في عام ليلة خمس وعشرين، وفي عام آخر ليلة ثلاث وعشرين وهكذا فهي غير ثابتة بليلة معينة في كل عام هذا والله أعلم

فضائل ليلة القدر.
-------------
1 -
أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر1[. 

2 -أنها ليلة مباركة، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان3[ . 

3 -يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان4[. 

4 - ضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر3

5 - تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، 

قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر4[.

6 - ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ]{القدر5[.  

7 - فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه[. 
فليلة هذه فضائلها وخصائصها وهباتها، ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله، فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فإن المحروم من حُرم الثواب، ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملا 

بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته فإنه محروم، أيها العاصي تب إلى الله واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة، ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة

اللهم اجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، فأجزلت له المثوبة والأجر، وغفرت له الزلل والوزر، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا،وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، برحمتك يا عزيز يا غفار، (وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

No comments:

Post a Comment