Friday, July 1, 2011

أسماء الله الحسنى - الطيب

الطيب :

اسم الله الطيب يدل على ذات الله وعلى وصف الطيبة بدلالة المطابقة ، وعلى أحدهما بالتضمن ، ولم يرد الوصف في السنة إلا في روايات ضعيفة كما ورد عند أبي داود من حديث ابن عباس t مرفوعا : ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ الزَّكَاةَ إِلاَّ لِيُطَيِّبَ مَا بَقِي مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا فَرَضَ المَوَارِيثَ لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ .. الحديث ) ([1]) .

وورد عند البخاري من حديث أبي هريرة t أن رسول الله قال : ( مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ ) ([2]) ، وعنده أيضا من حديثه t أن النبي قال : ( وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ ) ([3]) .

وقال تعالى : } وَسِيقَ الذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ { [الزمر:73] ، وقال : } قُل مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُل هِيَ لِلذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ { [لأعراف:32] ، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، وجميع أنواع الكمال في الصفات الإلهية كالعلم والأحدية والقدرة والصمدية والغنى والعزة والجلال والعظمة ، وسائر ما علمنا وما لم نعلم من أسمائه وصفاته ، واسم الله الطيب دل على صفة من صفات الذات والفعل معا .

الطيب في اللغة على بناء فِعْل ، فعله طاب يطيب طيبا فما أطيبه ، يعني ما أجمله وما أزكاه وما أنفسه ، وما أحلاه وما أجوده ، والطيب يكون في المحسوسات وغيرها فالطيب من المحسوسات هو ما لذ وزكا من خيار المطعومات والملبوسات في الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى : } كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً { [البقرة:168] ، وقال تعالى عن طيبات الآخرة : } وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ { [الصف:12] ([4]) ، أما الطيب في غير المحسوسات فهو كالطيب من القول والكلمات أو الباقيات الصالحات كما في قوله تعالى : } أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ { [إبراهيم:24].

والله عز وجل طيب له الكمال في ذاته وأسمائه وصفاته ، قال تعالى : } اللّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى { [طه:8] ، وقال تعالى : } لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ { [الشورى:11] ، وهو أيضا طيب في أفعاله يفعل الأكمل والأحسن ، فهو الذي أتقن كل شيء ، وأحسن كل شيء ، فالحكيم اسمه والحكمة صفته ، وهي بادية في خلقه تشهد لكمال فعله ، وتشهد بأنه جميل جليل عليم خبير ، قال تعالى : } صُنْعَ اللهِ الذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ { [النمل:88] ، وقال : } صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ { [البقرة:138] ، وقال : } الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِنْ طِينٍ { [السجدة:7] ، والطيب أيضا هو القدوس المنزه عن النقائص والعيوب ، قال القاضي عياض : ( الطيب في صفة الله تعالى بمعنى المنزه عن النقائص وهو بمعنى القدوس وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث ) ([5]) .

وهو سبحانه الطيب الذي طيب الدنيا للموحدين فأدركوا الغاية منها وعلموا أنها وسيلة إلى الآخرة سينتقلون عنها ، وطيب الجنة لهم بالخلود فيها فشمروا إليها سواعدهم وضحوا من أجلها بأموالهم وأنفسهم رغبة في القرب من الله ([6]).



(1)       أبو داود في الزكاة ، باب في حقوق المال 2/126 (1664) ، وانظر ضعيف الجامع (1643) .

(2)       البخاري في الزكاة ، باب قول الله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه 6/ 2702 (6993) .

(3)       البخاري في التوحيد ، باب ما يذكر في المسك 5/ 2215 (5583) .

(1)       لسان العرب 1/563 ، وكتاب العين 7/461 ، والمغرب 2/29 .

(2)       صحيح مسلم بشرح النووي 7/100 ، وانظر الديباج على صحيح مسلم 3/89 .

(3)       انظر حلية الأولياء 10/375 .

No comments:

Post a Comment