Saturday, July 9, 2011

أسماء الله الحسنى - الحفيظ

 

الحفيظ :

اسم الله الحفيظ يدل على ذات الله وعلى صفة الحفظ ، والحفيظ


على تقدير معنى العلم والإحاطة بكل شيء فإنه يدل على صفة


من صفات الذات كقوله تعالى   }   إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ


    {   [هود:57] ، وعلى تقدير معنى الرعاية والتدبير فإنه يدل على


صفة فعل كقوله   }   فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلغَيْبِ بِمَا حَفِظَ


الله   {   [النساء:34] ، وقوله سبحانه :   }   وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ


شَيْطَانٍ رَجِيمٍ   {   [الحجر:17] ، وقوله :   }   وَسِعَ كُرْسِيُّهُ


السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا   {   [البقرة:255] ، وعند


مسلم من حديث أبي قتادة   t   أن النبي  قال له : (حَفِظَكَ الله


بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ ) ([1]) ، وعند الترمذي وصححه الألباني


من حديث ابن عباس   t   أن رسول الله قال له : ( احْفَظِ الله


يَحْفَظْكَ احْفَظِ الله تَجِدْهُ تُجَاهَكَ .. الحديث ) ([2])، وعند أبي


داود وصححه الألباني من حديث ابن عمر   t   أن النبي  قال : (


اللهمَّ احفظني مِنْ بَيْنِ يدي ، وَمِنْ خلفي ، وَعَنْ يميني ، وَعَنْ


شمالي وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ

تحتي ) ([3]).

وروى الحاكم في المستدرك وحسنه الألباني من حديث ابن


مسعود   t   : ( اللهم احفظني بالإسلام قائما واحفظني بالإسلام


قاعدا واحفظني بالإسلام راقدا ) ([4]) ، ‌واسم الله الحفيظ يدل


باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والقدرة


والقوة والعزة وغير ذلك من صفات الكمال ، والاسم دل على


صفة من صفات الذات والأفعال .

 

الحفيظ في اللغة مبالغة من اسم الفاعل الحافظ فعله حفِظ يحفَظُ


حِفْظا ، وحِفظ الشيء صيانته من التلف والضياع ، ويستعمل


الحفظ في العلم على معنى الضبط وعدم النسيان ، أو تعاهُد


الشيء وقلة الغفلة عنه ، ورجل حافظ وقوم حُفاظ هم الذين


رُزِقوا حِفظ ما سَمِعوا وقلما يَنْسَوْن شيئا ، والحافِظ والحفِيظ

 

أيضا هو الموكل بالشيء يَحْفَظه ، ومنه الحفظة من الملائكة كما


في قوله تعالى :   }   لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ


مِنْ أَمْرِ اللهِ   {   [الرعد:11] ، أي تحفظ الأنفس بأمر الله حتى


يأتي أجلها وكذلك الحفظة الذين يُحْصُونَ الأعمال ويكتبونها على


بني آدم ، كما قال تعالى في وصفهم :   }   وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ


كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ   {   [الانفطار:12] ، ويقال حفظ


المال والسِّرَّ حفظا رَعاه وصانه ، واحتفظ الشيءَ لنفسه يعني


خَصَّها به  والتحفظ قلة الغَفلة في الأُمور والكلام ([5].


والحفيظ سبحانه هو العليم المهيمن الرقيب على خلقه ، لا يَعْزُب


عنه مِثقالُ ذرّة في ملكه ، وهو الحفيظ الذي يحفظ أعمال


المكلفين ، والذي شرف بحفظها الكرام الكاتبين ، يدونون على


العباد القول والخطرات ، والحركات والسكنات ، ويضعون


الأجر كما حدد لهم بالحسنات والسيئات ، وهو الحفيظ الذي


يحفظ عليهم أسماعهم وأبصارهم وجلودهم لتشهد عليهم يوم اللقاء


 ([6]، وهو الحفيظ   لمن يشاءُ من الشَّرِّ والأذى والبلاء ، ومنه


الدعاء الذي رواه أبو داود وصححه الألباني من حديث ابن عمر


 t   أن رسول الله  قال : ( اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَ ، وَمِنْ


خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ

أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي ) ([7].

والحفيظ أيضا هو الذي يحفظ أهل التوحيد والإيمان ، ويعصمهم

 

من الهوى وشبهات الشيطان ، ويحول بين المرء وقلبه من

 

الوقوع في العصيان ، ويهيأ الأسباب لتوفيقه إلى الطاعة

 

والإيمان ، ويشهد لمثل هذه المعاني ما ثبت من حديث ابن

 

مسعود t   أن النبي  كان يدعو : ( اللهم احفظني بالإسلام

 

قائما ، واحفظني بالإسلام قاعدا واحفظني بالإسلام راقدا ، ولا

 

تشمت بي عدوا حاسدا ، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه

بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك ) ([8].


والحفيظ أيضا هو الذي حفِظ السماواتِ والأرضَ بقدرته ، قال

 

تعالى : } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا

 

وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ { [البقرة:255] ، فالله حفيظ لمخلوقاته

 

يبقيها على حالها لغاياتها ، وينظم ترابط العلل بمعلولاتها ، وهو

 

سبحانه يحفظ الأشياء بذواتها وصفاتها ، وقد ذكر أبو حامد

 

الغزالي أن الحفظ في ذلك على وجهين : 

الوجه الأول : إدامة وجود الموجودات وإبقاؤها ، ويضاده

 

الإعدام ، والله تعالى هو الحافظ للسماوات والأرض والملائكة

 

والموجودات التي يطول أمد بقائها والتي لا يطول أمد بقائها ،

 

مثل الحيوانات والنبات وغيرهما .

الوجه الثاني : أن الحفظ صيانة المتقابلات المتضادات بعضها

 

عن بعض ، كالتقابل بين الماء والنار ، فإنهما يتعاديان بطباعهما

 

، فإما أن يطفئ الماء النار ، وإما أن تحيل النار الماء إلى بخار

 

، وقد جمع الله عز وجل بين هذه المتضادات المتنازعة في سائر

 

العناصر والمركبات ، وسائر الأحياء كالإنسان والنبات والحيوان

 

، ولولا حفظه تعالى لهذه الأسباب وتنظيم معادلاتها ، وارتباط

 

العلل بمعلولاتها ، لتنافرت وتباعدت وبطل امتزاجها واضمحل

 

تركيبها ، وهذه هي الأسباب التي تحفظ الإنسان من الهلاك

وتؤمن له بحفظ الله الحياة ([9].



(1)       مسلم في الصلاة ، باب قضاء الصلاة الفائتة1/472 (681) .


(2)       الترمذي في صفة القيامة 4/667 (2516) .

 

(3)       أبو داود في الأدب ، باب ما يقول إذا أصبح4/318 (5074) .


(1)       الحاكم في المستدرك 1/706 (1924) ، وانظر صحيح الجامع (1260) .


(1)       انظر بتصرف لسان العرب 7/441 ، والمفردات ص244 .


(2)       انظر هذه المعاني في زاد المسير لابن الجوزي 2/142، وتفسير أسماء الله الحسنى ص48 ، واشتقاق أسماء الله


للزجاج ص146 .


(3)       أبو داود في كتاب الأدب ، باب ما يقول إذا أصبح 4/318 (5074) ، وانظر تصحيح الألباني في صحيح


الترغيب والترهيب حديث رقم (659).


(4)       حسنه الألباني ، انظر صحيح الجامع حديث رقم (1260) .


(1)       المقصد الأسنى ص113 بتصرف .

 

No comments:

Post a Comment