Friday, July 8, 2011

أسماء الله الحسنى - المحسن

المحسن :

الاسم يدل على ذات الله وعلى صفة الإحسان بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها

بالتضمن وعلى الصفة وحدها بالتضمن ، قال تعالى : } خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحَقِّ

وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ المَصِيرُ { [التغابن:3] ، وقال : } الذِي أَحْسَنَ كُل

شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ { [السجدة:7] ، وقال : } ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلقا

آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخَالِقِينَ { [المؤمنون:14] ، وقال عن يوسف u : } قَالَ مَعَاذَ

الله إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ { [يوسف:23] ، وقال عن قوم قارون

لما خرج عليهم في زينته : } وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ الله الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا

وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ { [القصص:77] ، والاسم يدل باللزوم على الحياة

والقيومية والسمع والبصر والعلم والقدرة والغني والعزة واللطف والرحمة والكرم والرأفة ،

وغير ذلك من صفات الكمال ، واسم الله المحسن دل على صفة من صفات الذات إن

كان مشتقا من الفعل اللازم ، وإن كان من أحسن المتعدي فهو من صفات الأفعال .

المحسن في اللغة اسم فاعل ، فعله أحسن يحسن إحسانا فهو محسن ، والحسْنُ ضدُّ القُبْح ،

وحَسَّن الشيء تحسِينا زينه ، وأحْسَنَ إليه وبه صنع له وبه معروفا ، وهو يحسن الشيء أي

يعلمه بخبره ، واستحسن الشيء رغب فيه وتعلق به واعتبره     حَسَنا ، والحُسْنَى البالغة

الحسن في كل شيء من جهة الكمال والجمال ، كما قال تعالى : } لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا

الْحُسْنَى وَزِيَادَة { [يونس:26] ، فالحسْنى الجنة والزّيادة النظر إلى وجه الله تعالى يوم

القيامة ، فسرها بذلك رسول الله  والصحابة من بعده ([1]) .

وقوله عز وجل : } وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ

الْوُثْقَى { [لقمان:22] ، والمحسن في الشرع هو الذي بلغ درجة الإحسان ، والإحسان

فسره النبي  كما جاء عن عمر t : ( الإِحْسَان أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لمْ تَكُنْ

تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ) ، وقال تعالى : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ { [النحل:90] ، قيل

: أَراد بالإِحسان الإِخْلاص وهو شرط في صحةِ الإِيمان والإِسلام معا ، وقيل : أَراد

بالإِحسان الإِشارةَ إلى المراقبة وحُسْن الطاعة فإِن مَنْ راقَب اللهَ أَحسَن عمَله ، والمعنى

يشمل الاثنين معا ([2]) .

والمحسن سبحانه هو الذي له كمال الحسن في أسمائه وصفاته وأفعاله ، كما قال تعالى في

كتابه : } اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى { [طه:8] ، فلا شيء أكمل ولا أجمل

من الله ، فكل كمال وجمال في المخلوق من آثار صنعته ، وهو الذي لا يحد كماله ولا

يوصف جلاله ، ولا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه ، ليس

في أفعاله عبث ولا في أوامره سفه ، بل أفعاله كلها لا تخرج عن الحكمة والمصلحة والعدل

والفضل والرحمة ، إن أعطى فبفضله ورحمته وإن منع أو عاقب فبعدله وحكمته ، وهو

الذي أحسن كل شيء خلقه فأتقن صنعه وأبدع كونه وهداه لغايته ، وأحسن إلى خلقه

بعموم نعمه وشمول كرمه وسعة رزقه على الرغم من مخالفة أكثرهم لأمره ونهيه ، وأحسن

إلي المؤمنين فوعدهم الحسني وعاملهم بفضله ، وأحسن إلى من أساء فأمهله ثم حاسبه بعدله

([3]) .

 



(1)       شرح العقيدة الطحاوية ص 206 .

(1)       لسان العرب 13/114 ، وكتاب العين 3/143، ومفردات ألفاظ القرآن ص235 .

(2)       انظر طريق الهجرتين لابن القيم ص470 ، والأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي 1/512 .

No comments:

Post a Comment