Sunday, April 17, 2011

أسماء الله الحسنى - المقدم ، المؤخر

Al-moqdem

 

صفحة ( لنجعل صفحة لا إله إلا الله رقم 1 على الفيس بك ) نأمل الانضمام
http://www.facebook.com/pages/lnjl-sfht-la-alh-ala-allh-rqm-1-ly-alfys-bwk/110511502348614

المقدم ، والمؤخر

كان من آخر ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم بين التشهد والتسليم : (( اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت،  وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم، وأنت المؤخر. لا إله إلا أنت))[1] .

المقدم والمؤخر هما كما تقدم من الأسماء المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله إلا مقروناً بالآخر، فإن الكمال من اجتماعهما، فهو تعالى المقدم لمن شاء والمؤخر لمن شاء بحكمته.

وهذا التقديم يكون كونياً كتقديم بعض المخلوقات على بعض وتأخير بعضها على بعض، وكتقديم الأسباب على مسبباتها والشروط على مشروطاتها.

وأنواع التقديم والتأخير في الخلق والتقدير بحر لا ساحل له. ويكون شرعياً كما فضل الأنبياء على الخلق وفضل بعضهم على بعض، وفضل بعض عباده على بعض، وقدمهم في العلم، والإيمان، والعمل، والأخلاق، وسائر الأوصاف، وأخَّر من أخَّر منهم بشيء من ذلك وكل هذا تبع لحكمته. وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله والله متصف بهما، ومن صفات الأفعال لأن التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها، وأفعالها، ومعانيها، وأوصافها، وهي ناشئة عن إرادة الله وقدرته.

فهذا هو التقسيم الصحيح لصفات الباري، وإن صفات الذات متعلقة بالذات، وصفات أفعاله متصفة بها الذات ومتعلقة بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال.[2]

قال الله عز وجل : {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير }[3]وقال الله تعالى : {قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً أو أراد بكم نفعاً بل كان الله بما تعملون خبيراً }[4].

وصفة الضر والنفع هما كما تقدم من الأسماء المزدوجة المتقابلة . فالله تعالى النافع لمن شاء من عباده بالمنافع الدينية والدنيوية، الضار لمن فعل الأسباب التي توجب ذلكٍ، وكل هذا تبع لحكمته وسننه الكونية وللأسباب التي جعلها موصلة إلى مسبباتها، فإنَّ الله تعالى جعل مقاصد للخلق وأموراً محبوبة في الدين والدنيا، وجعل لها أسباباً وطرقاً، وأمر بسلوكها ويسَّرها لعباده غاية التيسير، فمن سلكها أوصلته إلى المقصود النافع، ومن تركها أو ترك بعضها أو فوت كمالها أو أتاها على وجه ناقص ففاته الكمال المطلوب فلا يلومنّ إلا نفسه، وليس له حجة على الله، فإن الله أعطاه السمع، والبصر، والفؤاد، والقوة’ والقدرة، وهداه النجدين، وبين له الأسباب، والمسببات، ولم يمنعه طريقاً يوصل إلى خير ديني ولا دنيوي، فتخلفه عن هذه الأمور يوجب أن يكون هو الملوم عليها المذموم على تركها.

واعلم أن صفات الأفعال كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفات الثلاث: القدرة الكاملة، والمشيئة النافذة، والحكمة الشاملة التامة. وهي كلها قائمة بالله، والله متصف بها، وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر عنها في الكون كله من التقديم والتأخير، والنفع والضر، والعطاء والحرمان، والخفض والرفع، لا فرق بين محسوسها ومعقولها، ولا بين دينيها ودنيويها. فهذا معنى كونها أوصاف أفعال لا كما ظنه أهل الكلام الباطل.[5]

 



 [1] مسلم 1/535

[2] الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين ص100

[3] سورة الأنعام الآية 17

[4]  سورة الفتح الآية 11

[5] توضيح الكافية الشافية للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص131 -132

No comments:

Post a Comment