Friday, June 10, 2011

أسماء الله الحسنى - المجيد


المجيد: 
الاسم يدل على ذات الله وعلى صفة المجد كوصف ذات والتمجيد كوصف فعل بدلالة المطابقة ، وعلى الذات وحدها بالتضمن وعلى الصفة وحدها كذلك ، فمما ورد في وصف الذات ما رواه مسلم من حديث أبي سعيد 
قال : ( كَانَ رَسُولُ الله إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ : رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلءَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمِلءَ مَا شِئْتَ مِنْ شيء بَعْدُ ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ ، اللهمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ )  ، وعند مسلم من حديث أبي هريرة 
أن النبي 
قال عن رب العزة : ( وَإِذَا قَالَ : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ : مجدني عبدي ، وَقَالَ : مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيََّ عبدي ) ( ) ، وعند مسلم من حديث عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ 
أن النبي  قال : ( فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلى فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بالذي هُوَ لَهُ أَهْلٌ وَفَرَّغَ قَلبَهُ لِلهِ إِلاَّ انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ )  .
ومما ورد في وصف الفعل ما رواه أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن عمر 
أنه قال : ( قَرَأَ رَسُولُ الله  هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ
وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون َ
، قَالَ : ( يَقُولُ الله عَزَّ وَجَل : أَنَا الجَبَّارُ ، أَنَا المُتَكَبِّرُ ، أَنَا المَلِكُ ، أَنَا المُتَعَالِ ، يُمَجِّدُ نَفْسَهُ قَالَ : فَجَعَلَ رَسُولُ الله  يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ )  ، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والسيادة والأحدية ، والغنى والصمدية ، وانتفاء الشبيه والمثلية ، ويدل على الكرم والسعة والجمال ، والعظمة والرفعة والجلال ، وغير ذلك من صفات الكمال .
الإنسان من الهلاك وتؤمن له بحفظ الله الحياة  .

المجيد في اللغة من صيغ المبالغة على وزن فعيل ، فعله مجد يمجد تمجيدا ، والمجيد هو الكريم الفِعَال ، وقيل : إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سُمِّيَ مَجدا ، وفعيل أبلغ من فاعل ، فكأنه يجمع معنى الجليل والوهّاب والكريم ، والمَجْدُ المُرُوءةُ والكرمُ والسخاءُ والشرف والفخر والحسب والعزة والرفعة ، والمَجْدُ أيضا الأَخذ من الشرف والسُّؤْدَد ما يكفي ، وأَمجَدَه ومَجَّده كلاهما عظمَه وأَثنى عليه ، وتماجَدَ القومُ فيما بينهم ذكَروا مَجْدَهم ( ) ، والله عز وجل وصف كتابه بالمجيد فقال
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ 
[
قّ:1] ، لأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وصفة الكلام من صفاته العليا فالقرآن كريم فيه الإعجاز والبيان ، وفيه روعة الكلمات والمعان ، وفيه كمال السعادة للإنسان ، فهو كتاب مجيد عظيم رفيع الشأن .
والمجيد سبحانه هو الذي علا وارتفع بذاته ، وله المجد في أسمائه وصفاته وأفعاله فمجد الذات الإلهية بيِّن في جمال الله وسعته وعلوه واستوائه على عرشه فعند مسلم من حديث عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ  أن رسول الله  قال : ( إِنّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ )  ، وروى أيضا من حديث أَبِي مُوسَى  أن النَّبي  قَالَ : ( حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ )  ، وكيفية جمال الذات أو كيفية ما هو عليه أمر لا يدركه سواه ولا يعلمه إلا الله ، وليس عند المخلوقين منه إلا ما أخبر به عن نفسه من كمال وصفه وجلال ذاته وكمال فعله  ، ومِن مجد ذاته استواؤه على عرشه ؛ فهو العلي بذاته على خلقه ، يعلم السر وأخفى في ملكه وهو القائم عليهم والمحيط بهم قال تعالى
الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى 
[
طه:5] ، وقد ثبت أن العرش أعلى المخلوقات ، وأنه فوق الماء ، وأن الماء فوق السماء ، والله عز وجل فوق ذلك محيط بالخلائق ويعلم ما هم عليه ، روى البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ  أنِ النَّبِي  قَالَ : ( فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ )  .
وقد ذكر الله في كمال مجده اختصاص الكرسي بالذكر دون العرش في أعظم آية في كتابه فقال سبحانه
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ 
[
البقرة:255] ، والكرسي كما فسره السلف الصالح ما يكون تحت قدم الملك عند استوائه على عرشه ، وقد بين الله من كمال وصفه وسعة ملكه لمن أعرض عن طاعته وتوحيده في عبادته أن ملك من أشركوا به لو بلغ السماوات السبع والأرضون وما فيهن وما بينهن على عرضهن ومقدارهن وسعة حجمهن لا يمثلن شيئا في الكرسي الذي تحت قدم الملك ، فما بالك بعرشه ومجده ؟ وما بالك باتساع ملكه ؟ وعلى الرغم من ذلك لا يَئُودُهُ حِفظُهُمَا ، فهو الذي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا ، لأنه لا يقوى غيره على حفظهن وإدارتهن حتى لو ادعى لنفسه ملكهن ، فالله من حلمه على خلقه أمسكهن بقدرته وأبقاهن لحكمته ، ولذلك قال تعالى
إنَّ الله يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا 
[
فاطر:41] ، وقد ورد عند ابن حبان وصححه الألباني من حديث أبي ذر أن النبي 
قال : ( ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة ) ( ) ، وصح عن ابن عباس موقوفا أنه قال : ( الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى )  .
أما مجد أوصافه فله علو الشأن فيها ، لا سمي له ولا نظير ولا شبيه له ولا مثيل فالمجد وصف جامع لكل أنواع العلو التي يتصف بها المعبود فهو العلي العظيم ، لأن أي معبود سواه إذا علا مجده بعض الخلق وغلب على العرش واستقر له الملك فإنه مسلوب العظمة في علوه المحدود ، إما لمرضه أو نومه ، أو قدوم أجله ، أو غلبة غيره على ملكه أو غير ذلك من أنواع الضرورة والقيود ، فأي عظمة في علو المخلوق وهو يعلم أن قدرته محدودة وأيامه معدودة ؟ أيستحق المخلوق أن يكون معبودا من دون الله ؟ فما بالنا بمجد رب العزة والجلال الذي له العلو والكمال والعظمة والجمال في جميع الأسماء والصفات والأفعال ، له علو الشأن والقهر والفوقية ، وعظمته في علوه عظمة حقيقية فهو المجيد حقا وصدقا ، ومجد الظالمين زورا وإفكا ، وأي عاقل سيقر بمجد أفعاله وبالغ كرمه وإنعامه ، وجوده وإحسانه ، فهو الذي أوجد المخلوقات وحفظها وهداها ورزقها فسبحان المجيد في ذاته وصفاته وأفعاله قال تعالى
فَتَعَالَى الله المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ 
[
المؤمنون:116] ، وقال أيضا
سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا يَصِفُون 
[
الزخرف:82] .

No comments:

Post a Comment