Tuesday, June 14, 2011

Untitled

 

المقتدر :

واسم الله المقتدر يدل على ذات الله وعلى صفة التقدير والقدرة معا بدلالة المطابقة وعلى ذات الله وحدها بالتضمن وعلى الصفة وحدها بالتضمن ، قال تعالى : } وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً { [الأحزاب:38] ، وقال : } الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً{  [الفرقان:2] ، وقال سبحانه : } وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً { [الفتح:21] ، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والغنى والأحدية ، والسمع والبصر ، والعلم والحكمة ، والقوة والعزة والكبرياء والعظمة وكل ما ذكر من دلالة اللزوم في اسم الله القادر والقدير وغير ذلك من صفات الكمال ، واسم الله المقتدر دل على صفة من صفات الذات والأفعال .

المقتدر اسم فاعل من اقتدر ، فعله اقتدر يقتدر اقتدارا ، والأصل قدَّر يقدر ، وقدَر يقدر قدرة ، والمقتدر مُفْتَعِل من اقْتَدَرَ ، وهو أكثر مبالغة من القادر والقدير ([1]) ، قال ابن منظور : ( المُقْتَدِر الوسط من كل شيء ، ورجل مُقْتَدِرُ الخَلْق أَي وَسَطُه ، ليس بالطويل والقصير ) ([2]) ، والمقتدر على الشيء هو المتمكن منه بإحاطة تامة وقوة والمهيمن عليه بإحكام كامل وقدرة ، قال البيهقي : ( المقتدر هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء ) ([3]) .

وقال المناوي : ( المقتدر من الاقتدار وهو الاستيلاء على كل من أعطاه حظا من قدرته .. والمقتدر أبلغ من القادر لما في البناء من معنى التكلف والاكتساب ، فإن ذلك وإن امتنع في حقه تعالى حقيقة لكنه يفيد المعنى مبالغة ) ([4]) .

والمقتدر سبحانه وتعالى هو الذي يقدِّر الأشياء بعلمه وينفذها بقدرته ، فالمقتدر يجمع دلالة اسم الله القادر واسمه القدير معا ، فاسم الله القادر هو الذي يقدر المقادير في علمه ، وعلمه المرتبة الأولى من قضائه وقدره ، والله عز وجل قدر كل شيء قبل تصنيعه وتكوينه ، ونظم أمور الخلق قبل إيجاده وإمداده ، فالقادر يدل على التقدير في المرتبة الأولى ، والقدير يدل على القدرة وتنفيذ المقدر في المرتبة الرابعة من مراتب القدر  فالقدير هو الذي يخلق وفق سابق التقدير ، والقدر بدايته في التقدير ونهايته في القدرة وتحقيق المقدر ، أما المقتدر فيجمع وسطية الدلالة مع المبالغة ، وهذا ما دل عليه معناه في اللغة ، حيث جمع في دلالته بين اسم الله القادر والقدير معا فهو أبلغ منهما في الدلالة والوصف ، قال الله تعالى : } وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً { [الكهف:45] ، أي مقتدرا على كل شيء من الأشياء يحييه ويفنيه بقدرته لا يعجز عن شيء ([5]) ، وقال تعالى عن فرعون وقومه : } كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ { [القمر:42] ، قال الزركشي : ( واعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أعلى منه فلا بد أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولا ، لأن الألفاظ أدلة على المعاني فإذا زيدت في الألفاظ وجب زيادة المعاني ضرورة ومنه قوله تعالى : } فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ { فهو أبلغ من قادر لدلالته على أنه قادر متمكن القدرة لا يرد شيء عن اقتضاء قدرته ويسمى هذا قوة اللفظ لقوة المعنى ) ([6]) .

 



(1)       النهاية في غريب الحديث 4/22 .

(2)       لسان العرب 5/79 .

(3)       الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث البيهقي ص63 .

(4)       فيض القدير 2/487 ، ومفردات ألفاظ القرآن ص657 ، واشتقاق أسماء الله ص200 .

(1)       فتح القدير للشوكاني 3/290 .

(2)       البرهان في علوم القرآن لأبي عبد الله محمد بن بهادر الزركشي 3/34 .

No comments:

Post a Comment