Tuesday, June 28, 2011

أسماء الله الحسنى - الوهاب

Al-wahab
 

الوهاب :

اسم الله الوهاب يدل على ذات الله وعلى صفة الوهب بدلالة المطابقة ، وعلى أحدهما

بالتضمن ، روى البيهقي في سننه وصححه الألباني من حديث عائشة رضي الله عنها أن

رسول الله قال : ( إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ هِبَةُ اللَّهِ لَكُمْ ، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ؛ فَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتَجْتُمْ إِلَيْهَا ) ([1]) ، وقال تعالى : } وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ

أَوَّابٌ { [ص:30] ، وقال سبحانه : } وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً { [مريم:53] ،

وقال : } فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاً جَعَلنَا نَبِيّاً {

[مريم:49] ، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسيادة والصمدية ، والسمع

والبصر ، والعلم والقدرة ، والغنى والعزة ، والملك والعظمة ، والقوة والحكمة ، وغير

ذلك من صفات الكمال ، واسم الله الوهاب دل على صفة من صفات الأفعال .

الوهاب في اللغة صيغة مبالغة على وزن فعال من الواهب وهو المعطي للهبة ، فعله

وهب يهب وهبا وهبة ، والهبة عطاء الشيء بلا عوض ، قال ابن منظور : ( الهبة 

العطية الخالية عن الأعواض والأغراض ، فإذا كثرت سمي صاحبها وهابا ، وهو من أبنية المبالغة ) ([2]) .

والوهاب سبحانه هو الذي يكثر العطاء بلا عوض ، ويهب ما يشاء لمن يشاء بلا غرض

، ويعطي الحاجة بغير سؤال ، ويسبغ على عباده النعم والأفضال ، نعمه كامنة في

الأنفس وجميع المصنوعات ، ظاهرة بادية في سائر المخلوقات ، نعم وعطاء وجود

وهبات تدل على أنه المتوحد في اسمه الوهاب ، قال تعالى : } للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ

يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ

يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ { [الشورى:50] ([3]) .

والله جل شأنه يهب العطاء في الدنيا على سبيل الابتلاء ، ويهب العطاء في الآخرة على

سبيل الأجر والجزاء ، فعطاؤه في الدنيا علقه بمشيئته وابتلائه للناس بحكمته ليتعلق العبد

بربه عند النداء والرجاء ، ويسعد بتوحيده وإيمانه بين الدعاء والقضاء ، وهذا أعظم

فضل وهبة وعطاء إذا أدرك العبد حقيقة الابتلاء ، واستعان بالله في تحقيق ما يتمناه

، قال زكريا u في دعائه : } وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ

لَدُنْكَ وَلِيّاً { [مريم:5] ، وقال سبحانه عن عباده الموحدين : } وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا

مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً { [الفرقان:74] ، وقال تعالى في المقابل عن

الراغبين في الدنيا المعرضين عن الآخرة : } مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ

نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُورا ً{ [الإسراء:18] ، فعلق تحقيق مراد العبد في

الدنيا على مشيئته سبحانه ، أما في الآخرة فيحقق للعبد مشيئته وما يتمناه قال تعالى :

} لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ { [قّ:35] ، فالله عز وجل من أسمائه الحسنى الوهاب

ومن صفاته أنه يهب ما يشاء لمن يشاء كيف يشاء ، فإن أوجب شيئا على نفسه فهو

من فضله وكرمه ، فما يعطيه لعباده ظاهرا وباطنا في الدنيا والآخرة إنما هي نعم وهبات

وهي من الكثرة بحيث لا تحصيها الحسابات ([4]) .

 



(1)       البيهقي في سننه 7/480 ، وانظر السلسلة الصحيحة (2564)  .

(1)       لسان العرب 1/803 ، وكتاب العين 4/97 .

(1)       انظر تفسير الأسماء للزجاج ص60 ، والأسماء والصفات ص97 ، والمقصد الأسنى ص77 .

(2)       انظر المزيد في تفسير اسم الوهاب : الأسنى للقرطبي 1/396 .

 

No comments:

Post a Comment