المجيب
اسم الله المجيب يدل على ذات الله وعلى صفة الاستجابة بدلالة المطابقة ، وعلى
أحدهما بالتضمن ، قال تعالى : } إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلفٍ مِنَ
المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ { [لأنفال:9] ، وقال : } فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ العَلِيمُ { [يوسف:34] .
وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها : ( أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النبي فَقَالُوا السَّامُ
عَلَيْكُمْ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ الله ، وَغَضِبَ الله عَلَيْكُمْ قَالَ : مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ
بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ ، قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تسمعي مَا قُلتُ : رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لي فِيهِمْ وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ في ) ([1]) ، وعند البخاري من حديث
أبي هريرة t أن النبي قال : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُل لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى
ثُلُثُ الليْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يدعوني فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يسألني فَأُعْطِيَهُ مَنْ يستغفرني فَأَغْفِرَ لَهُ ) ([2]) ، وروى أيضا من حديثه t أن النبي قال : ( يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَل يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي ) ([3]) ، وعند مسلم من حديث عبد الله بن عباس t أن رسول الله قال : ( وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) ([4]) ، واسم الله
المجيب يدل باللزوم على الحياة والقيومية والعلم والقدرة والسمع والبصر واللطف
والقرب والود والحب ، وغير ذلك من صفات الكمال واسم الله المجيب دل على
صفة من صفات الأفعال .
المجيب في اللغة اسم فاعل ، فعله أجاب يجيب جوابا وإجابة واستجابة ، والإجابة صدى الكلام أو ترديده ، أو المحاورة في الكلام ورد السؤال ([5]) ، وعند البخاري من
حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قالت : ( وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ ) ([6]) ، والإجابة كذلك إجابة المحتاج بالعطية
والنوال ، وإعطاء الفقير عند السؤال ، فللمجيب معنيان إجابة السائل بالعلم ،
وإجابة النائل بالمال ([7]) .
والمُجِيب سبحانه هو الذي يُقابِل السؤالَ والدُّعاء بالقَبُول والعَطاء ، وهو المجيب
الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث الملهوف إذا ناداه ، ويكشف السوء عن عباده
ويرفع البلاء عن أحبائه ، وكل الخلائق مفتقرة إليه ، ولا قوام لحياتها إلا عليه ، لا
ملجأ لها منه إلا إليه ، قال تعالى : } يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي
شَأْنٍ { [الرحمن: 29] ، فجميع الخلائق تصمد إليه وتعتمد عليه ([8]) ، وشرط إجابة
الدعاء صدق الإيمان والولاء ، فالله حكيم في إجابته ، قد يعجل أو يؤجل على
حسب السائل والسؤال ، أو يلطف بعبده باختياره الأفضل لواقع الحال ، أو يدخر له
ما ينفعه عند المصير والمآل ، لكن الله تعالى يجيب عبده حتما ولا يخيب ظنه أبدا كما
وعد وقال وهو أصدق القائلين :
} وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي
لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ { [البقرة:186] ، وقال : } وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ { [غافر:60] ، ومن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t
أن رَسُول اللهِ قال : ( مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ في
الدُّنْيَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ
قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ ؟ قَالَ : يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لي ) ([9]) .
No comments:
Post a Comment