Sunday, June 5, 2011

أسماء الله الحسنى - المجيب

المجيب

اسم الله المجيب يدل على ذات الله وعلى صفة الاستجابة بدلالة المطابقة ، وعلى

أحدهما بالتضمن ، قال تعالى :     } إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلفٍ مِنَ

المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ { [لأنفال:9] ، وقال : } فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ

السَّمِيعُ العَلِيمُ { [يوسف:34] .

وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها : ( أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النبي فَقَالُوا السَّامُ

عَلَيْكُمْ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ الله ، وَغَضِبَ الله عَلَيْكُمْ قَالَ : مَهْلاً يَا عَائِشَةُ  عَلَيْكِ

بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ ، قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تسمعي مَا قُلتُ : رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لي فِيهِمْ وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ في ) ([1]) ، وعند البخاري من حديث

أبي هريرة t أن النبي قال : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُل لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى

ثُلُثُ الليْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يدعوني فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يسألني فَأُعْطِيَهُ مَنْ يستغفرني فَأَغْفِرَ لَهُ ) ([2]) ، وروى أيضا من حديثه t أن النبي قال : ( يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَل يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي ) ([3]) ، وعند مسلم من حديث عبد الله بن عباس t أن رسول الله قال : ( وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) ([4]) ، واسم الله

المجيب يدل باللزوم على الحياة والقيومية والعلم والقدرة والسمع والبصر واللطف

والقرب والود والحب ، وغير ذلك من صفات الكمال واسم الله المجيب دل على

صفة من صفات الأفعال .

 

المجيب في اللغة اسم فاعل ، فعله أجاب يجيب جوابا وإجابة واستجابة ، والإجابة  صدى الكلام أو ترديده ، أو المحاورة في الكلام ورد السؤال ([5]) ، وعند البخاري من


حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قالت : ( وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ ) ([6]) ، والإجابة كذلك إجابة المحتاج بالعطية


والنوال ، وإعطاء الفقير عند السؤال ، فللمجيب معنيان إجابة السائل بالعلم ،

وإجابة النائل بالمال ([7]) .


والمُجِيب سبحانه هو الذي يُقابِل السؤالَ والدُّعاء بالقَبُول والعَطاء ، وهو المجيب


الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث الملهوف إذا ناداه ، ويكشف السوء عن عباده

ويرفع البلاء عن أحبائه ، وكل الخلائق مفتقرة إليه ، ولا قوام لحياتها إلا عليه ، لا

ملجأ لها منه إلا إليه ، قال تعالى : } يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي

شَأْنٍ { [الرحمن: 29] ، فجميع الخلائق تصمد إليه وتعتمد عليه ([8]) ، وشرط إجابة

الدعاء صدق الإيمان والولاء ، فالله حكيم في إجابته ، قد يعجل أو يؤجل على

حسب السائل والسؤال ، أو يلطف بعبده باختياره الأفضل لواقع الحال ، أو يدخر له

ما ينفعه عند المصير والمآل ، لكن الله تعالى يجيب عبده حتما ولا يخيب ظنه أبدا كما

وعد وقال وهو أصدق القائلين :

} وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي

لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ { [البقرة:186] ، وقال : } وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ

يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ { [غافر:60] ، ومن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t

أن رَسُول اللهِ قال : ( مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ في

الدُّنْيَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ

قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ ؟ قَالَ : يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لي ) ([9]) .



(1)       البخاري في الأدب ، باب لم يكن النبي  S فاحشا ولا متفحشا 5/ 2243 (5683) .

(2)       البخاري في الدعوات ، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل 1/384 (1094) .

(3)       الموضع السابق ، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل 5/ 2335 (5981) .

(4)       مسلم في الصلاة ، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود 1/348 (479) .

(1)       لسان العرب 1/283 .

(2)       البخاري فى المغازي ، باب حديث الإفك 4/1518 (3910) .

(3)       شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص281 ، وتفسير أسماء الله للزجاج ص51  .

(4)       الاعتقاد للبيهقي ص60 ، والأسماء والصفات ص88 .

(5)       صحيح ما عدا قوله : ( وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ) انظر صحيح الجامع حديث

(5714) وما بين قوسين ضعيف انظر ضعيف الجامع حديث رقم (5177) .

No comments:

Post a Comment