Monday, May 9, 2011

أسماء الله الحسنى - الوتر

 

 

الوتر :

اسم الله الوتر يدل على ذات الله وعلى صفة الوترية بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى الصفة وحدها بالتضمن ، وعند أبي داود وصححه الألباني من حديث علي بن أبي طالب  t أن رسول الله t قال : ( يَا أَهْلَ القُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ ) ([1]) ، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والتفرد والأحدية والسيادة والصمدية ، وكل ما يلزم من صفات الكمال ، واسم الله الوتر دل على صفة من صفات الذات .

 

الوِتْرُ في اللغة هو الفرْدُ أَو ما لم يَتَشَفعْ من العَدَدِ ، و التواتر التتابع ، وقيل هو تتابع الأشياء وبينها فجوات وفترات ، وتواترت الإبل والقطا وكل شيء إذا جاء بعضه في إثر بعض غير مصطفة ([2]) ، وقوله : } وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ { [الفجر:3] ، قيل الوتر آدم u والشَّفع أنه شُفِعَ بزوجته ، وقيل الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة ، وقيل الأَعداد كلها شفع ووتر كثرت أَو قلت ، وقيل الوتر هو الله الواحد ، والشفع جميع الخلق خلقوا أَزواجاً ، وكان القوم وتِرا فشَفعْتهم وكانوا شَفعا فوَتَرْتهم ([3]) ، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ t أن رجلا سَأَل النَّبِيَّ S وَهْوَ عَلَى المِنْبَرِ : مَا تَرَى فِي صَلاَةِ الليْلِ ؟ قَالَ : ( مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى ) ([4]) ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث سَلَمَة بْنِ قيْسٍ t أن النبي S قال : ( إِذَا تَوَضَّأتَ فَانْتَثِرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ ) ([5]) ، أي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً استنج بثلاثة أَحجار أَو خمسة أَو سبعة ولا تستنج بالشفع .

والله تعالى وتر انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا ، وقد خلق الله المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية ، يقول تعالى : } وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكرُونَ { [الداريات:49] ، فالرجل لا يهنأ إلا بزوجته ولا  يشعر بالسعادة إلا مع أسرته والتوافق بين محبتهم ومحبته ، فيراعى في قراره ضروريات أولاده وزوجته ، ولا يمكن أن تستمر الحياة التي قدرها الله على خلقه بغير الزوجية حتى في تكوين أدق المواد الطبيعية ، فالمادة تتكون من مجموعة من العناصر والمركبات وكل عنصر مكون من مجموعة من الجزيئات ، وكل جزيء مكون من مجموعة من الذرات ، وكل ذرة لها نظام في تركيبها تتزاوج فيه مع أخواتها ، سواء كانت الذرةُ سالبةً أو موجبةً ، فالعناصر في حقيقتها عبارة عن أخوات من الذرات متزاوجات متفاهمات متكاتفات ومتماسكات ، ومن المعلوم أنه لا يتكون جزئُ الماء إلا إذا اتحدت ذرتان من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين ، فالذرات متزاوجة سالبها يرتبط بموجبها ولا تهدأ ولا تستقر إلا بالتزاوج بين بعضها البعض ، فهذه بناية الخلق بتقدير الحق بنيت على الزوجية والشفع ، أما ربنا عز وجل فذاته صمدية وصفاته فردية ، فهو المنفرد بالأحدية والوترية ، وقد ثبت عند مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَة t مرفوعا : ( إِن اللهَ عَزَّ وَجَل وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ ) ([6]) .

وقد قيل أيضا في معنى الشفع والوتر أن الشفع تنوع أوصاف العباد بين عز وذل وعجز وقدرة ، وضعف وقوة ، وعلم وجهل ، وموت وحياة ، والوتر انفراد صفات الله عز وجل فهو العزيز بلا ذل ، والقدير بلا عجز ، والقوي بلا ضعف ، والعليم بلا جهل ، وهو الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينام ، ومن أساسيات التوحيد والوترية إفراد الله عمن سواه في ذاته وصفاته وأفعاله وعبوديته ([7]) .



(1)       أبو داود في الصلاة ، باب استحباب الوتر 2/61 (1416) .

(1)       لسان العرب 5/275 .

(2)       التبيان في تفسير غريب القرآن ص 461 ، والتبيان في أقسام القرآن ص20 ، وانظر السابق

5/273 .

(3)       البخاري في كتاب الصلاة ، باب الحلق والجلوس في المسجد 1/179 (460) .

(4)       الترمذي في الطهارة ، باب ما جاء في المضمضة 1/40 (27) ، والسلسلة الصحيحة 3/291

(1305) .

(2)       مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة ، باب في أسماء الله تعالى 4/2062 (2677) .

(3)       تفسير القرطبي 20/41 ، الأسماء والصفات للبيهقي ص30 .

No comments:

Post a Comment