Tuesday, May 10, 2011

أسماء الله الحسنى - المتعال

 

المتعال :

الاسم يدل على ذات الله وعلى علو القهر بدلالة المطابقة ، وعلى أحدهما بالتضمن قال تعالى : } مَا اتَّخَذَ الله مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُون { [المؤمنون:91] ، وقد ذكر ابن القيم في الآية أن الإله الحق لا بد أن يكون خالقا فاعلا يوصل إلى عابده النفع ويدفع عنه الضر ، فلو كان معه سبحانه إله لكان له خلق وفعل ، وحينئذ فلا يرضى بشركة الإله الآخر معه بل إن قدر على قهره وتفرده بالإلهية دونه فعل ، وإن لم يقدر على ذلك انفرد بخلقه وذهب به كما ينفرد ملوك الدنيا عن بعضهم بعضا بممالكهم ، إذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر والعلو عليه فلا بد من أحد أمور ثلاثة : إما أن يذهب كل إله بخلقه وسلطانه ، وإما أن يعلو بعضهم على بعض ، وإما أن يكون كلهم تحت قهر إله واحد وملك واحد يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه ، ويمتنع من حكمهم عليه ولا يمتنعون من حكمه عليهم ، فيكون وحده هو الإله الحق وهم العبيد المربوبون المقهورون ([1]) .

وقد ورد عند أحمد بسند صحيح من حديث ابن عمر t أنه قال : ( قَرَأَ رَسُولُ اللهِ هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ : } وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ { قَالَ : ( يَقُولُ الله عَزَّ وَجَل : أَنَا الجَبَّارُ ، أَنَا المُتَكَبِّرُ ، أَنَا المَلِكُ  أَنَا المُتَعَالِ يُمَجِّدُ نَفْسَهُ ، قَالَ : فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ ؛ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ ) ([2]) ، واسم الله المتعال يدل باللزوم على الحياة والقيومية والأحدية والصمدية والعزة والكبرياء ، والهيمنة والجبروت ، وغير ذلك من أوصاف الكمال ، واسم الله المتعال دل على صفة من صفات الذات والأفعال .

 

المتعالي اسم فاعل من تعالى ، والمتعالي فعله تعالى يتعالى فهو متعال ، وهو أبلغ من الفعل علا ، لأن الألفاظ لما كانت أدلة المعاني ثم زيد فيها شيء أوجبت زيادة المعنى فزيادة المبنى دليل على زيادة المعنى ([3]) ، والتعالي هو الارتِفاع ، قال الأَزهري : ( تقول العرب في النداء للرجل تَعال بفتح اللام ، وللاثنين تَعالا ، وللرجال تَعالوْا ، وللمرأَة تَعالي ، وللنساء تَعَاليْنَ ، ولا يُبالونَ أَين يكون المدعو في مكان أَعْلى من مكان الداعي أَو مكان دونه ) ([4]) .

والمتعَالي سبحانه هو القاهرُ لخلقِهِ بقدرتِهِ التَّامَّةِ ، وأغلب المفسرين جعلوا الاسم دالا على علو القهر ، وهو أحد معاني العلو ، فالمتعالي هو المستعلي على كل شيء بقدرته ، قال ابن كثير : ( المتعال على كل شيء قد أحاط بكل شيء علما وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعا وكرها ) ([5])  ، وقال أيضا في موضع آخر : ( وهو الكبير المتعال  فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه ) ([6]) .

فالمتعالي سبحانه هو الذي ليس فوقه شيء في قهره وقوته فلا غالب له ولا منازع بل كل شيء تحت قهره وسلطانه ، قال تعالى : } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ { [الأنعام:18] ، وقد جمع الله في هذه الآية بين علو الذات وعلو القهر ، وكذلك قوله تعالى : } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً { [الأنعام:61] ، فاجتماع علو القهر مع علو الفوقية يعني أنه الملك من فوق عرشه الذي علا بذاته فوق كل شيء والذي قهر كل شيء وخضع لجلاله كل شيء وذل لعظمته وكبريائه كل شيء ([7]) .

 



(1)       الصواعق المرسلة 2/464 ، وانظر حز الغلاصم في إفحام المخاصم ص31 ، وشرح الطحاوية ص79 .

(2)       أحمد في المسند 2/87 (5608) .

(1)       الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني 3/ 268 .

(2)       لسان العرب 15/90 ، ومفردات ألفاظ القرآن ص 582، واشتقاق أسماء الله للزجاج ص162.

(3)       تفسير القرآن العظيم 2/504 .

(1)       السابق 3/ 233 .

(2)       انظر في معنى الاسم : شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص335 ، والأسماء والصفات للبيهقي ص64 .

No comments:

Post a Comment