Tuesday, May 3, 2011

أسماء الله الحسنى - الباريء

Al-bare2

 

البارئ :

الاسم يدل بالمطابقة على ذات الله وعلى البراءة من العيب كوصف ذات والإبراء للخلق كوصف فعل ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى الصفة وحدها بالتضمن ، فالبارئ إذا كان تقدير فعله برء يَبْرَأ كفعل لازم ؛ فالله عز وجل هو البارئ من كل نقص ، المتصف بالجلال والكمال ، وإذا كان تقدير فعله أبرأ كفعل متعد فهو وصف فعل ، به قدَّر الأحداث ، وفصل الأجناس ، وتميز الناس ، قال تعالى :

} مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ { [الحديد:22] ، وقال سبحانه : } يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ الله وَجِيهاً { [الأحزاب:69] ، وعند البخاري من حديث أَبِى جحيفة t قال : ( قُلتُ لِعَلِىٍّ t : هَل عِنْدَكُمْ شَيءٌ مِنَ الوَحْي إِلاَّ مَا فِي كِتَابِ الله ؟ قَالَ : وَالذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ .. الحديث ) ([1]) ، فالله عز وجل تسمي بالبارئ وموصوف بإحداث البرايا ، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والعلم والقدرة ، والغنى والقوة ، والإتقان والخبرة ، وغير ذلك من صفات الكمال ، واسم الله البارئ دل على صفة من صفات الذات والأفعال .

 

البارئ في اللغة اسم فاعل فعله برأ يبرأ برءا ، وبَرُء بضم الراء أي خلا من العيب أو التهمة والمذمة ، وخلص منها وتنزه عن وصفه بالنقص ، وأبرأ فلانا من حق له عليه أي خلصه منه ، وبرئ المريض أي شفي من مرضه ([2]) ، وفي صحيح مسلم من حديث جَابِرٍ t أنْ رَسُولِ الله قَالَ : ( لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل ) ([3]) ، والبريء مرادف للبراء كما في قوله تعالى : } وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا { [النساء:112] ، وقوله : } وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ { [الزخرف:26] ، ويقال : بريت القلم أي جعلته صالحا للكتابة , وبريت السهم أي جعلته مناسبا وصالحا للإصابة ، وقال الشاعر :

يا باري القوس بريا ليس يحكمه   :   لا تفسد القوس أعط القوس باريها ([4]) .

قال أبو إسحاق : ( البرء خلق على صفة ، فكل مبروء مخلوق ، وليس كل مخلوق مبروءا ، وذلك لأن البرء من تبرئة الشيء من الشيء من قولهم : برأت من المرض وبرئت من الدَّيْن أبرأ منه ، فبعض الخلق إذا فصل من بعض سمي فاعلة بارئا ) ([5]) .

والبارئ إذا كان تقدير فعله برء يَبْرَأ كفعل لازم فإن معناه السالم الخالي من النقائص والعيوب ، والبارئ سبحانه له الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله ، تنزه عن كل نقص وتقدس عن كل عيب ، لا شبيه له ولا مثيل ، ولا ند له ولا نظير ، أما إذا كان البارئ تقدير فعله أبرأ كفعل متعد لمفعول ، فالبارئ سبحانه يعني واهب الحياة للأحياء ، الذي خلق الأشياء صالحة ومناسبة للغاية التي أرادها ، وهو سبحانه الذي يُتِم الصنعة على وجه التدبير ، ويظهر المقدور وفق سابق التقدير ، قال تعالى :  } مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ { [الحديد:22] ([6]) ، والبارئ أيضا هو الذي أبرأ الخلق ، وفصل كل جنس عن الآخر ، وصور كل مخلوق بما ينساب الغاية من خلقه ، قال أبو علي :      ( هو المعنى الذي به انفصلت الصور بعضها من بعض ، فصورة زيد مفارقة لصورة عمرو وصورة حمار مفارقة لصورة فرس فتبارك الله خالقا وبارئا ) ([7]) .

 



(1)       البخاري كتاب الجهاد ، باب فكاك الأسير 3/1110 رقم (2883) .

(1)       تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص15 ، جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير 4/177 .

(2)       مسلم كتاب السلام ، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي 4/1729 (2204) .

(3)       اشتقاق أسماء الله ص242 ، ولسان العرب 1/239 ، وصبح الأعشى 2/485 .

(4)       تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص37 .

(1)    الأسماء والصفات للبيهقي ص40 ، والمقصد الأسنى ص72 ، وتفسير القرطبي 18/48 ، وشرح أسماء الله

الحسنى للرازي ص216 ، والكشاف للزمخشري 4/85 .

(2)    تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص37 .

No comments:

Post a Comment