[[posterous-content:pid___0]]
الكريم :
اسم الله الكريم يدل على ذات الله وعلى الكرم كوصف ذات والإكرام كوصف فعل
بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى الصفة وحدها بدلالة التضمن
، أما دلالته على وصف الذات فقد تضمنه الاسم على اعتبار أن الكرم بمعنى السعة في
الذات والصفات ، وأما وصف الفعل فقد ورد في نصوص كثيرة كما في قوله تعالى : }
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ { [الإسراء:70] ، وقال تعالى : } فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ
وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ { [الفجر:15] ، وقال تعالى : } قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ
لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً { [الإسراء:62] ، وعند مسلم من حديث
عوف بن مالك t في دعاء الجنازة أن النبي قال : ( اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ .. الحديث ) ([1]) ، وعند البخاري من حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
t أَنَّ أُمَّ العَلاَءِ رضي الله عنها قالت عند موت عثمان بن مظعون t : ( رَحْمَةُ الله
عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ ، فشهادتي عَلَيْكَ ، لَقَدْ أَكْرَمَكَ الله ، فَقَالَ النبي : وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ الله قَدْ
أَكْرَمَهُ ، فَقُلتُ : بأبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله فَمَنْ يُكْرِمُهُ الله ؟ فَقَالَ : أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ ، وَالله
إني لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ ، وَالله مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ الله مَا يُفْعَلُ بِي ؟ قَالَتْ : فَوَالله لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا ) ([2]) .
وعند مسلم من حديث أبي هريرة t أأن سعد بن عبادة t قال : ( يَا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ
الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ ؟ قَالَ رَسُولُ الله : لاَ ، قَالَ سَعْدٌ : بَلَى والذي أَكْرَمَكَ بِالحَقِّ ، فَقَالَ رَسُولُ الله : اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) ([3]) ، واسم الله الكريم يدل باللزوم على
الحياة والقيومية ، والغنى والصمدية ، والعلو والفوقية ، والسعة والأحدية ، وغير ذلك
من صفات الكمال ، والاسم دل على صفة من صفات الذات والأفعال .
الكريم صفة مشبهة للموصوف بالكرم ، والكرَم نقيض اللؤم يكون في الرجل بنفسه
وإِن لم يكن له آباء ، ويستعمل في الخيل والإِبل والشجر وغيرها ، كرُمَ الرجل كرَما
وكَرَامة فهو كَرِيم وكرِيمة وجمع الكَرِيم كرَماء ، والكريم هو الشيء الحسن النفيس
الواسع السخي ، والفرق بين الكريم والسخي أن الكريم هو كثير الإحسان بدون طلب
والسخي هو المعطى عند السؤال ، والكرم السعة والعظمة والشرف والعزة والسخاء عند العطاء ([4]) ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث أبي هريرة t أن رَسُولُ الله قال : ( الْمُؤْمِنُ غِرّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ ) ([5]) .
والله سبحانه هو الكريم الواسع في ذاته وصفاته وأفعاله ، من سعته وسع كرسيه
السماوات والأرض ، كما قال : } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ { [البقرة:255] ، ووصف عرشه بالكرم فقال : } فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ
لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ { [المؤمنون:116] ، وهو الكريم له المجد والعزة والرفعة
والعظمة والعلو والكمال فلا سميَّ له كما قال : } رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً { [مريم:65] ، وهو الذي كرم الإنسان لما حمل
الأمانة وشرفه واستخلفه في أرضه وأستأمنه في ملكه وفضله على كثير من خلقه كما
قال : } وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً { [الإسراء:70] ، وهو الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم
الواسع ، والمغفرة الواسعة ، والرزق الواسع قال تعالى : } أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقا لَهُمْ
دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { [الأنفال:4] ، وهو الجواد المعطي الذي لا ينفد
عطاؤه ولا ينقطع سحاؤه ، الذي يعطي ما يشاء لمن يشاء وكيف يشاء بسؤال وغير
سؤال ، وهو الذي لا يمن إذا أعطى فيكدر العطية بالمن ، وهو سبحانه يعفو عن الذنوب ويستر العيوب ويجازي المؤمنين بفضله ويجازي المعرضين بعدله ([6]) .
No comments:
Post a Comment