Saturday, May 28, 2011

أسماء الله الحسنى - الكريم

[[posterous-content:pid___0]]

 

الكريم :

 

اسم الله الكريم يدل على ذات الله وعلى الكرم كوصف ذات والإكرام كوصف فعل

بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى الصفة وحدها بدلالة التضمن

، أما دلالته على وصف الذات فقد تضمنه الاسم على اعتبار أن الكرم بمعنى السعة في

الذات والصفات ، وأما وصف الفعل فقد ورد في نصوص كثيرة كما في قوله تعالى :   }

  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ { [الإسراء:70] ، وقال تعالى : } فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ

وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ { [الفجر:15] ، وقال تعالى : } قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ

لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً { [الإسراء:62] ، وعند مسلم من حديث

عوف بن مالك t في دعاء الجنازة أن النبي  قال : ( اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ .. الحديث ) ([1]) ، وعند البخاري من حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

t أَنَّ أُمَّ العَلاَءِ رضي الله عنها قالت عند موت عثمان بن مظعون t : ( رَحْمَةُ الله

عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ ، فشهادتي عَلَيْكَ ، لَقَدْ أَكْرَمَكَ الله ، فَقَالَ النبي  : وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ الله قَدْ

أَكْرَمَهُ ، فَقُلتُ : بأبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله فَمَنْ يُكْرِمُهُ الله ؟ فَقَالَ : أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ ، وَالله

إني لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ ، وَالله مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ الله مَا يُفْعَلُ بِي ؟ قَالَتْ : فَوَالله لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا ) ([2]) .

وعند مسلم من حديث أبي هريرة t أأن سعد بن عبادة t قال : ( يَا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ

الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ ؟ قَالَ رَسُولُ الله : لاَ ، قَالَ سَعْدٌ : بَلَى والذي أَكْرَمَكَ بِالحَقِّ ، فَقَالَ رَسُولُ الله : اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) ([3]) ، واسم الله الكريم يدل باللزوم على

الحياة والقيومية ، والغنى والصمدية ، والعلو والفوقية ، والسعة والأحدية ، وغير ذلك

من صفات الكمال ، والاسم دل على صفة من صفات الذات والأفعال .

 

الكريم صفة مشبهة للموصوف بالكرم ، والكرَم نقيض اللؤم يكون في الرجل بنفسه

وإِن لم يكن له آباء ، ويستعمل في الخيل والإِبل والشجر وغيرها ، كرُمَ الرجل كرَما

وكَرَامة فهو كَرِيم وكرِيمة وجمع الكَرِيم كرَماء ، والكريم هو الشيء الحسن النفيس

الواسع السخي ، والفرق بين الكريم والسخي أن الكريم هو كثير الإحسان بدون طلب

والسخي هو المعطى عند السؤال ، والكرم السعة والعظمة والشرف والعزة والسخاء عند العطاء ([4]) ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث أبي هريرة t أن رَسُولُ الله قال : ( الْمُؤْمِنُ غِرّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ ) ([5]) .

والله سبحانه هو الكريم الواسع في ذاته وصفاته وأفعاله ، من سعته وسع كرسيه

السماوات والأرض ، كما قال : } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا

وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ { [البقرة:255] ، ووصف عرشه بالكرم فقال : } فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ

لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ { [المؤمنون:116] ، وهو الكريم له المجد والعزة والرفعة

والعظمة والعلو والكمال فلا سميَّ له كما قال : } رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا

فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً { [مريم:65] ، وهو الذي كرم الإنسان لما حمل

الأمانة وشرفه واستخلفه في أرضه وأستأمنه في ملكه وفضله على كثير من خلقه كما

قال : } وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى

كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً { [الإسراء:70] ، وهو الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم

الواسع ، والمغفرة الواسعة ، والرزق الواسع قال تعالى : } أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقا لَهُمْ

دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { [الأنفال:4] ، وهو الجواد المعطي الذي لا ينفد

عطاؤه ولا ينقطع سحاؤه ، الذي يعطي ما يشاء لمن يشاء وكيف يشاء بسؤال وغير

سؤال ، وهو الذي لا يمن إذا أعطى فيكدر العطية بالمن ، وهو سبحانه يعفو عن الذنوب ويستر العيوب ويجازي المؤمنين بفضله ويجازي المعرضين بعدله ([6]) .

 

 



(1)       مسلم في الجنائز ، باب الدعاء للميت 2 /662 (963) .

(2)       البخاري في الجنائز ، باب الدخول على الميت 1/419 (1186) .

(3)       مسلم في اللعان 2/1135 (1498) .

(1)       لسان العرب 12/510 ، والمفردات ص707.

(2)       الترمذي في البر والصلة ، باب ما جاء في البخيل4/344 (1964) ، وانظر حكم الألباني على الحديث

في الأدب المفرد حديث رقم (418) ، ومعنى غر كريم أي ليس بذي مكر فهو ينخدع لانقياده ولينه وهو ضد

الخب هو المخادع الذي يسعى بين الناس بالفساد ، انظر عون المعبود 13/102 .

(3)       انظر تفسير الطبري 19/104 ، والمفردات ص 707 ، والأسماء والصفات للبيهقي ص73 .

No comments:

Post a Comment