Saturday, May 7, 2011

أسماء الله الحسنى - الظاهر

Al-6aheer

 

 الظاهر :

الاسم يدل على ذات الله وعلى الظهور والعلو كوصف ذات والإظهار كوصف فعل بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بدلالة التضمن ، وعلى الصفة وحدها بالتضمن ، فالظهور الذاتي واضح في علو الشأن والقهر والفوقية ، وأما الإظهار كوصف فعل ؛ فالله يظهر ما يشاء في خلقه وفق حكمته وأمره ، ولذلك قال سبحانه وتعالى : } هُوَ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ { [التوبة:33] ، وقال تعالى : } عَالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً من إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلفِهِ رَصَداً { [الجن:26/27] ، واسم الله الظاهر يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والسمع والبصر ، والعلم والقدرة ، والغني والقوة ، والعزة والعظمة ، والعلو والإحاطة وغير ذلك من صفات الكمال ، واسم الله الظاهر دل على صفة من صفات الذات والأفعال  . 

الظاهِرُ في اللغة اسم فاعل لمن اتصف بالظهور ، والظاهِرُ خلاف الباطن ، ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً فهو ظاهر وظهير ، والظهور يرد على عدة معان ، منها العلو والارتفاع يقال : ظَهَر على الحائط وعلى السَّطْح يعني صار فوقه ، قال تعال : } فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً { [الكهف:97] ، أَي ما قَدَرُوا أَن يَعْلوا عليه لارتفاعه ، والظهور أيضا بمعنى الغلبة ، ظَهَرَ فلانٌ على فلان أَي قَوِيَ عليه ، ويقال : أَظهَر الله المسلمين على الكافرين أَي أَعلاهم عليهم ، قال تعالى : } فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ { [الصف14] ، أَي غالبين عالين ، والظهر بمعنى السند والحماية وما يُركن إليه يقال : فلان له ظَهْرٌ أَي مال من إِبل وغنم ، وفلان ظَهَرَ بالشيء ظهْرا فَخَرَ به ، وعند البخاري من حديث أبي هُرَيْرَة t أن النَّبِي S قَالَ : ( خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ) ([1]) ، ويأتي الظهور أيضا بمعنى البيان وبُدُوّ الشيء الخفيّ ، وكذلك الظهْرُ ما غاب عنك ، يقال : تكلمت بذلك عن ظَهْرِ غَيْب ، ويقال حَمَل فلان القرآن على ظهْرِ لسانه وعن ظَهْر قلبه ، وعند النسائي وصححه الألباني من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ t مرفوعا : ( فَقَالَ : هَلْ تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ؟ ) ([2])  ، والمظاهرة المعاونة وظَاهَرَ بعضهم بعضاً أَعانه ، قال تعالى : } وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ { [الممتحنة:9] ، أَي عاوَنُوا ([3])  .

والظاهر سبحانه هو المنفرد بعلو الذات والفوقية ، وعلو الغلبة والقاهرية ، وعلو الشأن وانتفاء الشبيه والمثلية ، فهو الظاهر في كل معاني الكمال ، وهو البين المبين الذي أبدى في خلقه حججه الباهرة وبراهينه الظاهرة ، أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ([4]) ، قال ابن الأَثير : ( الظاهر في أسماء الله هو الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه ، وقيل : الظاهر هو الذي عُرِفَ بطريق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أَفعاله وأَوصافه ) ([5]) .

والظاهر أيضا هو الذي بدا بنوره مع احتجابه بعالم الغيب ، وبدت آثار ظهوره لمخلوقاته في عالم الشهادة ، فالله عز وجل استخلف الإنسان في ملكه واستأمنه على أرضه فاقتضى الاستخلاف والابتلاء أن يكون الإنسان بين عالمين ، عالم الغيب وعالم الشهادة ، ليتحقق مقتضى توحيد الله في أسمائه ، وجلاء المعاني المتعلقة بأوصافه وأفعاله قال تعالى : } عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً { [الجن:26] ، وقال : } ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ  { [السجدة:6] ، وهو سبحانه أيضا الظاهر الذي أقام الخلائق وأعانهم ، ورزقهم ودبر أمرهم ، وهداهم سبلهم ، فهو  المعين على المعنى العام وهو نصير الموحدين من عباده على المعنى الخاص ([6]) .

 



(1)    البخاري في الزكاة ، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى 2/518 (1360) .

(2)    النسائي في النكاح ، باب التزويج على سور من القرآن 6/113 (3339) .

(3)    انظر في المعنى اللغوي : لسان العرب 4/52 ، والنهاية في غريب الحديث 3/ 164 ، ومفردات

ألفاظ القرآن ص540 ، واشتقاق أسماء الله للزجاج 137 .

(1)    ورد ذلك في حديث أبي مُوسَى مرفوعا : ( حِجَابُهُ النُّورُ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ النَّارُ ، لَوْ كَشَفَهُ

لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب في قوله

عليه السلام إن الله لا ينام 1/161 (179) .

(2)    النهاية في غريب الحديث 3/ 164 .

(3)    الأسماء والصفات للبيهقي ص24 ، وتفسير أسماء الله للزجاج ص60 ، وشرح أسماء الله للرازي

ص252 .

No comments:

Post a Comment