Friday, May 27, 2011

أسماء الله الحسنى - الديان


الاسم يدل على ذات الله وعلى وصف الدينونة بدلالة المطابقة ، وعلى أحدهما بالتضمن ، قال تعالى : قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ المُصَدِّقِينَ أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ [الصافات:51/53] ، وروايات السنة في ذكر الوصف ضعيفة كما في حديث أبي قلابة أن رسول الله قال : ( البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت ، اعمل ما شئت كما تدين تدان ) .
والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والسمع والبصر والعلم والقدرة والملك والعظمة ، والكبرياء العزة ، والعدل والحكمة وغير ذلك من صفات الكمال واسم الله الديان دل على صفة من صفات الأفعال .

الديان صيغة مبالغة على وزن فعال فعله دَان يدين دينا ، يقال : دنتهم فدانوا أي جازيتهم وحاسبتهم وقهرتهم فأطاعوا ، والديان يطلق على الملك المطاع والحاكم والقاضي ، وهو الذي يدين الناس إما بمعنى يقهرهم وإما بمعنى يحاسبهم ، فمن الأول دان الرجل القوم إذا قهرهم فدانوا له إذا انقادوا ، ومن الثاني الديان بمعنى المحاسب المجازي ، قال خويلد بن نوفل الكلابي للحارث الغساني وكان ملكا ظالما :
يا أيها الملك المخوف أما ترى : ليلا وصبحا كيف يختلفان
هل تستطيع الشمس أن تأتي بها : ليلا وهل لك بالمليك يدان
يا حار أيقن أن ملكك زائل : واعلم بأن كما تدين تدان .
والدين الجزاء ومالك يوم الدين أي يوم الجزاء ، وقوله تعالى عن الكافرين : أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ [الصافات:53] أي مجزيون محاسبون ، وقوله : فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الواقعة:86/87] ، أي مقهورين ومدبرين ومجزيين ، وقد يكون الديان بمعني صاحب الديوان وهو الكتاب الحافظ للأعمال والحقوق ومنه ما رواه أحمد والحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال : ( الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلاَثَةٌ : دِيوَانٌ لاَ يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئاً ، وَدِيوَانٌ لاَ يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئاً ، وَدِيوَانٌ لاَ يَغْفِرُهُ اللهُ ) .
والديان سبحانه هو الذي دانت له الخليفة ، وعنت له الوجوه ، وذلت لعظمته الجبابرة وخضع لعزته كل عزيز ، ملك قاهر على عرش السماء مهيمن ، لعزته تعنو الوجوه وتسجد ، يرضى على من يستحق الرضا ويثيبه ويكرمه ويدنيه ، ويغضب على من يستحق الغضب ويعاقبه ويهينه ويقصيه ، فيعذب من يشاء ، ويرحم من يشاء ويعطي من يشاء ، ويمنع من يشاء ، ويقرب من يشاء ، ويقصي من يشاء ، له دار البقاء ، دار عذاب أليمة وهي النار ، ودار سعادة عظيمة وهي الجنة ، فهو الديان الذي يدين العباد أجمعين ويفصل بينهم يوم الدين ، كتب أعمالهم فهي حاضرة ، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أظهرها لهم في الآخرة ، قال تعالى : وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49] ، وقال : يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:25] .
قال ابن القيم في معنى يوم الدين : ( يوم يدين الله العباد بأعمالهم ، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ، وذلك يتضمن جزاءهم وحسابهم ) .

 

No comments:

Post a Comment