Sunday, May 15, 2011

أسماء الله الحسنى - الواسع

 

الواسع :

الاسم يدل على ذات الله وعلى السعة كوصف ذات والتوسيع على الغير

كوصف فعل بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى الصفة

وحدها بدلالة التضمن ، أما دلالته على وصف الذات فلقوله تعالى :   } وَسِعَ

كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { [البقرة:255] ، وقال سبحانه : }  إِنَّمَا إِلَهُكُمُ

الله الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُل شَيْءٍ عِلماً { [طه:98] ، وعند الإمام

البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قَالَتِ : ( الحَمْدُ لِلهِ الذِي وَسِعَ

سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى عَلَى النبي  : } قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا { ) ([1]) .

وأما دلالة الاسم على وصف الفعل فلقوله تعالى : } وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا

لَمُوسِعُونَ { [الذاريات:47] ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة t : (

أن رجلا قام إلى النبي فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ فَقَالَ  أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ

ثَوْبَيْنِ ، ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ : إِذَا وَسَّعَ الله فَأَوْسِعُوا .. الحديث ) ([2])

، وعند مسلم من حديث ابن عباس t أن عمر t قال : ( ادْعُ الله يَا

رَسُولَ الله أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ الله .. الحديث ) ([3]) ، وعنده أيضا من حديث أبي هريرة t أن النبي قال : (

وَرَجُلٌ وَسَّعَ الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ : فَمَا عَمِلتَ فِيهَا .. الحديث ) ([4]) ، وعند من حديث عوف ابن مالك

t في دعاء الجنازة أن النبي قال : ( .. وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ .. الحديث ) ([5]) ، وعند أحمد وصححه الألباني من حديث رجل من بني سليم مرفوعا :

( إنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ ، فَمَنْ رضي بِمَا قَسَمَ الله عَزَّ وَجَل لَهُ  بَارَكَ الله لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ فيه ) ([6]) .

واسم الله الواسع يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والسيادة والصمدية ،

والعظمة والأحدية ، والعلم والقدرة ، والعزة والغنى ، والجود والكرم ، وغير

ذلك من صفات الكمال والجمال ، واسم الله الواسع دل على وصف الذات

والأفعال .

 والواسع في اللغة اسم فاعل للموصوف بالوسع ، فعله وَسِعَ الشَّيء يَسَعُه سِعَة

فهو وَاسِع ، وأَوْسَعَ الله عليك أَي أَغناك ، ورجل مُوسِعٌ يعني مَلِيء بالمال

والثراء ، يقال إناء واسع وبيت واسع ، ثم قد يستعمل في الغنى يقال : فلان

يعطي من سعة وواسع الرحل يعني غنيا ، وقال تعالى : } لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ

سَعَتِهِ { [الطلاق:7] ، وتَوَسَّعُوا في المجلس أَي تَفَسَّحُوا ، والسَّعة الغِنى والرفاهِية ، والسعة تكون في العلم والإحسان وبسط النعم ([7]) .


 والواسع سبحانه هو الذي وسع علمه جميع المعلومات ووسعت قدرته جميع

المقدورات ووسع سمعه جميع المسموعات ووسع رزقه جميع المخلوقات ، فله

مطلق الجمال والكمال في الذات والصفات والأفعال ، وعند البخاري من

حديث عَائِشَة أنها قالتِ : ( الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ فَأَنْزَلَ الله

تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ : } قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلى الله وَالله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكمَا إِن الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ { [المجادلة:1] ) ([8]) ، فالله عز

وجل واسِع ، وَسِعَ غِنَاه كل فقِير وهو الكثيرُ العطاءِ يده سحاء الليل والنهار ، وسعت رَحْمَته كل شَيء وهو المحيط بكل شيء ([9]) .


وقد اقترن اسم الله الواسع باسمه العليم في غير موضع من كتابه كما ورد في

قوله تعالى : } مَثَلُ الذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ

سَنَابِلَ فِي كُل سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاء وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ {

[البقرة:261] ، ذكر ابن القيم في بيان العلة في اقتران الاسمين ألا يستبعد العبد

مضاعفة الأجر ، ولا يضيق عنها عطاؤه  فإن المضاعف واسع العطاء ، واسع

الغنى واسع الفضل ، ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكل

منفق ، فإنه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها ومن لا يستحقها ولا

هو أهل لها ، فإن كرمه وفضله تعالى لا يناقض حكمته بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته ، ويمنعه من ليس من أهله بحكمته ([10]) .

 



(1)       البخاري في التوحيد ، باب قول الله تعالى وكان الله سميعا بصيرا 6/ 2689 (6951) .

(2)       البخاري في الصلاة ، باب الصلاة في القميص والسراويل 1/143 (358) .

(3)       مسلم في الطلاق ، باب في الإبلاء واعتزال النساء وتخييرهن 2/1112 (1479) .

(4)       مسلم في الإمارة ، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار 3/ 1513 (1905) .

(5)       مسلم في الجنائز ، باب الدعاء للميت في الصلاة 2/662 (963) .

(1)       مسند أحمد 10/257 ، والسلسلة الصحيحة (1658) ، وصحيح الجامع (1869) .

(1)    لسان العرب 8/392 ، وكتاب العين 2/203 .

(2)    أخرجه البخاري كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى وكان الله سميعا بصيرا 6/2689 (6951) .

(3)    تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص 51 ، والأسماء والصفات للبيهقي ص59 ، والمقصد الأسنى ص106.

(1)       طريق الهجرتين ص540 .

No comments:

Post a Comment